كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


تنبيه‏:‏ قال النووي‏:‏ في كتاب المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم إلى هرقل استحباب تصدير الكتب ببسم اللّه الرحمن الرحيم وإن كان المبعوث إليه كافراً قال‏:‏ ويحمل هذا الحديث وما أشبهه على أن المراد لا يبدأ فيه بذكر اللّه كما جاء في رواية أخرى، فكأنه روي على أوجه بذكر اللّه ببسم اللّه بحمد اللّه، قال‏:‏ وهذا الكتاب كان ذا بال من المهمات العظام ولم يبدأ بلفظ الحمد بل بالبسملة اهـ‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ والحديث الذي أشار إليه صححه ابن حبان وفي إسناده مقال‏.‏ وبتقدير صحته فالرواية المشهورة بلفظ بحمد اللّه وما عدا ذلك من الألفاظ التي ذكرها النووي وردت في بعض طرق الحديث بأسانيد واهية ثم اللفظ وإن كان عاماً لكن أريد به الخصوص وهو الأمور التي تحتاج إلى تقديم الخطبة‏.‏ وأما المراسلات فلم تجر العادة الشرعية ولا العرفية بابتدائها بذلك وهو نظير الحديث الذي خرجه أبو داود بلفظ كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء، فالابتداء بالحمد واشتراط التشهد خاص بالخطبة بخلاف بقية الأمور المهمة فبعضها يبدأ فيه بالبسملة تامة كالمراسلات وبعضها ببسم اللّه فقط كما في أول الجماع والذبيحة، وبعضها بلفظ من الذكر مخصوص كالتكبير، وقد جمعت كتب المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إلى الملوك وغيرهم فلم يقع في واحد منها البداءة بالحمد بل بالبسملة وهو ‏[‏ص 14‏]‏ يؤيد ما قررته اهـ‏.‏

- ‏(‏عبد القادر الرهاوي‏)‏ بضم الراء كما في الصحاح نسبة إلى رها بالضم حي من مذحج، وذكر ابن عبد الهادي عن عبد الغني بن سعيد المصري أنه بالفتح ‏(‏في‏)‏ أوّل كتاب ‏(‏الأربعين‏)‏ البلدانية، وكذا الخطيب في تاريخه ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال النووي في الأذكار بعد سياقه هذا الحديث وما قبله‏:‏ روينا هذه الألفاظ في الأربعين للرهاوي وهو حديث حسن، وقد روي موصولاً ومرسلاً، قال‏:‏ ورواية الموصول جيدة الإسناد، وإذا روي الحديث موصولاً ومرسلاً فالحكم الاتصال عند الجمهور‏.‏

6285 - ‏(‏كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد اللّه‏)‏ قال النووي في الأذكار‏:‏ وأحسن العبارات فيه ‏"‏الحمد للّه رب العالمين‏"‏ ‏(‏والصلاة عليّ فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة‏)‏ قال ابن السبكي‏:‏ دخول الفاء في خبر هذا المبتدأ مع عدم اشتماله على واقع موضع الشرط أو نحوه موصولاً بظرف أو شبهه أو فعل صالح للشرطية وجهه أن المبتدأ وهو كل ما أضيف لموصوف بغير ظرف ولا جار ولا مجرور ولا فعل صالح للشرطية فجاز دخول الفاء على حد قوله‏:‏

كل أمر مباعد أو مداني * فمنوط بحكمة المتعالي

وفيه كالذي قبله تعليم حسن، وتوقيف على أدب جميل وبعث على التيمن بالذكرين والتبرك بهما والاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين وإصغائهم إليه وإنزاله من قلوبهم المنزلة التي يبغيها المستمع وقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ كابراً عن كابر هذا الأدب فحمدوا اللّه وصلوا على نبيه أمام كل علم مفاد وقبل كل عظة وتذكرة وفي مفتتح كل خطبة وتبعهم المترسلون فأجروا عليه أوائل كتبهم من الفتوح والتهاني وغير ذلك من الحوادث التي لها شأن ذكره كله الزمخشري‏.‏

- ‏(‏الرهاوي‏)‏ في الأربعين ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ثم قال الرهاوي‏:‏ غريب تفرد بذكر الصلاة فيه إسماعيل بن أبي زياد وهو ضعيف جداً لا يعتبر بروايته ولا بزيادته، ومن ثم قال التاج السبكي‏:‏ حديث غير ثابت، وقال القسطلاني‏:‏ في إسناده ضعفاء ومجاهيل، وقال في اللسان كأصله إسماعيل بن أبي زياد قال الدارقطني‏:‏ متروك يضع الحديث، وقال الخليلي‏:‏ شيخ ضعيف والراوي عنه حسين الزاهد الأصفهاني مجهول، ورواه ابن المديني وابن منده وغيرهم بأسانيد كلها مشحونة بالضعفاء والمجاهيل‏.‏

6286 - ‏(‏كل أهل الجنة يرى مقعده من النار‏)‏ أي نار جهنم ‏(‏فيقول لولا أن اللّه هداني فيكون له شكراً‏)‏ قال أبو البقاء‏:‏ يكون بمعنى يحدث وكان تامّة وشكر فاعلها، ولو روي بالنصب كان خبر كان بمعنى انتهى، وظاهره أن الرواية بالرفع، والثابت بخط المصنف النصب، فلعل فيه روايتين ‏(‏وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة، فيقول لو أن اللّه هداني فيكون عليه حسرة‏)‏ تمامه عند الحاكم ثم تلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ‏{‏أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب اللّه‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في التفسير ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

6287 - ‏(‏كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجداً‏)‏ أو نحوه مما بنى بقصد القربة إلى اللّه كمدرسة ورباط فإنه ‏[‏ص 15‏]‏ ليس بوبال بل مطلوب محبوب بشرطه ويستثنى في خبر آخر ما لا بد منه لحاجة الإنسان للسكنى وذلك لأن حاجة النفس إلى المسكن كحاجتها إلى المطعم والمشرب والملبس والمركب فإذا كان البناء مما لا يستغنى عنه فلا ضير فيه والحاصل كما في الكشاف أن العمارة متنوعة إلى واجب وندب ومباح ومكروه أي وحرام انتهى‏.‏ وقال ابن الأثير‏:‏ والوبال المكروه ما أراد به في الحديث العذاب في الآخرة‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ رمز لحسنه‏.‏

6288 - ‏(‏كل بنيان وبال على صاحبه إلا ما كان هكذا وأشار بكفه‏)‏ أي إلا ما كان شيئاً قليلاً بقدر الحاجة فلا يوسعه ولا يرفعه، خرج ابن أبي الدنيا عن ابن أبي عمار إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة أذرع نودي يا أفسق الفاسقين إلى أين‏؟‏ قال الشهاب ابن حجر‏:‏ ومثله لا يقال من قبل الرائي وكتب عمر إلى أبي موسى لا تشتغلوا بالبناء قد كان لكم في بناء فارس والروم كفاية الزموا السنة تبقى لكم الدولة وقال نوح لما قيل له في الخص الذي بني له ليسكنه هذا لمن يموت كثير قال الزمخشري‏:‏ ازدحم الناس على درجة الحسن فتحركت وكانت رثة فصاح بهم ابنه فزجره وقال‏:‏ لولا أنه حان من الدنيا ارتحال وإلى الآخرة انتقال لجددنا لكم البناء شوقاً للقائكم ورجاء لحديثكم وما على الدرجة نشفق ولكن عليكم فاربَعُوا ‏[‏اِرْبَعوا‏:‏ بهمزة وصل وفتح الباء، كما في شرح مسلم للنووي‏.‏ دار الحديث‏]‏

على أنفسكم ومرّ بدار لبعض العلماء جديدة فقال رفع الطين ووضع الدين غره من في الأرض ومقته من في السماء أخرب داره وعمر دار غيره وكان أبو ذر لا يبني قط شيئاً من داره إذا انهدم ويقول‏:‏ إن رب المنزل لا يدعنا نقيم به إلا بعض أيام ‏(‏وكل علم وبال على صاحبه يوم القيامة إلا من عمل به‏)‏‏.‏

- ‏(‏طب عن واثلة‏)‏ بن الأسقع قال الهيثمي‏:‏ فيه هانئ بن المتوكل قال ابن حبان‏:‏ لا يحل الاحتجاج به بحال‏.‏

6289 - ‏(‏كل بني آدم يمسه الشيطان‏)‏ أي يطعنه في جنبه كما بينه في الرواية الآتية ‏(‏يوم ولدته أمه إلا مريم‏)‏ بنت عمران ‏(‏وابنها‏)‏ عيسى لاستجابة دعاء حنة لها بقولها ‏{‏إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم‏}‏ وعلى هذا فالمس حقيقي وقيل أراد به الطمع في الإغواء لا حقيقة النخس وإلا لامتلأت الدنيا صياحاً‏.‏ فالاستهلال تصوير وتخييل لطمع الشيطان كأنه يمسه بيده وعليه فلا يرد ما قيل لو كان كذا لما خصا بالاستثناء لأن الصالحين كلهم كذا ما ذاك إلا لأن المراد كما قال عياض هما ومن في معناهما أما إذا أريد بالمس حقيقته وأنه من الفضائل فلا مانع من اختصاصهما حتى على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إذ اختصاص المفضول بشيء لا يوجد في الفاضل غير عزيز كذا قرره بعض الأفاضل وهي زلقة زلقها مما عملته أيدي الزمخشري قال التفتازاني‏:‏ طعن الزمخشري في صحة الحديث بمجرد أنه لم يوافق هواه وإلا فأي امتناع في أن يمس الشيطان المولود حين يولد بحيث يصرخ كما يرى ويسمع فليست تلك المسة للإغواء ليدفع بأنه لا يتصور في حق المولود حين يولد‏.‏ قال‏:‏ ثم أوله الزمخشري على تقدير صحته بأن المراد بالمس الطمع في إغوائه واستثناء مريم وابنها لعصمتهما ولما لم يخص هذا المعنى بهما عم الاستثناء لكل من يكون على صفتهما وهذا إما تكذيب للحديث بعد صحته وإما قول بتعليل الاستثناء والقياس عليه قال‏:‏ وليت شعري من أين ثبت تحقق طمع الشيطان ورجائه وصدقه في أن هذا المولود محل لإغوائه ليلزمنا إخراج كل من لا سبيل له إلى إغوائه فلعله يطمع في إغواء من سوى مريم وابنها ولا يتمكن منه إلى هنا كلام السعد، قال‏:‏ وقد يشكل على ظاهر الحديث أن إعاذة أم مريم كانت بعد الوضع فلا يحل حملها على الإعاذة من المس الذي يكون حين الولادة والجواب أن المس ليس إلا بعد الانفصال وهو الوضع ومعه الإعاذة غايته أنه عبر عنه بالمضارع لقصد الاستمرار بخلاف الوضع والتسمية اهـ‏.‏

- ‏(‏م عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

‏[‏ص 16‏]‏ 6290 - ‏(‏كل بني آدم يطعن الشيطان‏)‏ بضم العين ‏(‏في جنبيه‏)‏ بالتثنية ‏(‏بإصبعه‏)‏ بالإفراد وفي رواية للبخاري بالتثنية‏.‏ قال الطيبي‏:‏ المس والطعن عبارة عن الإصابة بما يؤذيه ويؤلمه لا كما زعمه المعتزلة أن المس تخييل واستهلاله صارخاً من مسه تصوير لطمعه فيه كأنه يمسه ويضرب بيده عليه ويقول هذا ممن أغويه، وأما قول ابن الرومي‏:‏

لما تؤذن الدنيا به من صروفها * يكون بكاء الطفل ساعة يولد

إذا أبصر الدنيا استهل كأنه * بما هو لاق من أذاها يهدد

وإلا فما يبكيه منها فإنه * لأوسع مما كان فيه وارغد

فمن باب حسن التعليل فلا يستقيم تنزيل الحديث على أنه لا ينافيه، وقال البيضاوي‏:‏ مس الشيطان تعلقه بالمولود وتشويش حاله والإصابة بما يؤذيه ويؤلمه أولاً كما قال تعالى عن أيوب ‏{‏أني مسني الشيطان بنصب وعذاب‏}‏ والاهتمام بحصول ما يصير ذريعة ومتسلقاً في إغوائه اهـ‏.‏ فقوله يؤلمه بين به أن المس حقيق رداً على الزمخشري ‏(‏حين يولد‏)‏ زاد البخاري في رواية في آل عمران فيستهل صارخاً من مسّ الشيطان إياه ‏(‏غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب‏)‏ أي المشيمة التي فيها الولد‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ اقتصر هنا على عيسى دون الأولى، لأن هذا بالنسبة للطعن في الجنب وذاك بالنسبة للمس، أو هذا قبل الإعلام بما زاد وفيه بعد‏.‏

- ‏(‏خ عن أبي هريرة‏)‏ ورواه مسلم بمعناه في المناقب‏.‏

6291 - ‏(‏كل بني آدم حسود، ولا يضر حاسداً حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد‏)‏ هذا الحديث سقط من قلم المصنف منه طائفة فإن سياقه عند أبي نعيم الذي عزاه إليه‏:‏ كل بني آدم حسود، وبعض الناس أفضل في الحسد من بعض ولا يضر حاسداً حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد اهـ‏.‏ وإنما كان كل أدمي حسوداً لأن الفضل يقتضي الحسد بالطبع فإذ نظر الإنسان إلى من فضل عليه في مال أو علم أو غيرهما لم تملكه نفسه عن أن يحسده فإن بادر بكفها انكف وإلا سقط في مهاوي الهلكة، وقيل لا يفقد الحسد إلا من فقد الخير أجمع ولذلك قال بعض الشعراء‏:‏

إن العرانين تلقاها محسدة * ولا ترى للئام الناس حسادا

وقال أبو تمام‏:‏

وذو النقص في الدنيا * بذي الفضل مولع

وقال البحتري‏:‏

لا تحسدوه فضل رتبته التي * أعيت عليكم وافعلوا كفعاله

قال في عين العلم‏:‏ ونبه بهذا الحديث على أن سبب الحسد خبث النفس وأنه داء جبلي مزمن قلَّ من يسلم منه‏.‏

- ‏(‏حل عن أنس‏)‏ بن مالك، وفيه مجاهيل‏.‏

6292 - ‏(‏كل بني آدم خطاء‏)‏ بشد الطاء والتنوين يقال رجل خطاء إذا كان ملازماً للخطأ وهو من أبنية المبالغة‏.‏ قال الطيبي‏:‏ إن أريد بلفظ كل الكل من حيث هو كل فهو تغليب لأن الأنبياء ليسوا بمبالغين في الخطأ، وإن أريد به الاستغراق وأن كل واحد خطاء لم يستقم إلا على التوزيع كما يقال هو ظلام للعبيد أي يظلم كل واحد واحد فهو ظالم بالنسبة إلى كل أحد ظلام بالنسبة إلى المجموع وإذا قلت هو ظلام لعبده ما كان مبالغا في الظلم ‏(‏وخير الخطائين التوابون‏)‏ يعني أن ‏[‏ص 17‏]‏ العبد لا بد أن يجري عليه ما سبق به القدر، فكأنه قال لا بد لك من فعل الذنوب والخطايا لأن ذلك مكتوب عليك فأحدث توبة فإنه لا يؤتى العبد من فعل المعصية وإن عظمت وإنما يؤتى من ترك التوبة وتأخيرها فإن اللّه غفور يحب التوابين وقد قال تعالى ‏{‏أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرأون بالحسنة السيئة‏}‏ فما وصفهم بعد السيئة أصلاً‏.‏

- ‏(‏حم ت ه ك عن أنس‏)‏ قال الترمذي‏:‏ غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة اهـ‏.‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح، وقال الذهبي‏:‏ بل فيه لين، وقال في موضع آخر‏:‏ فيه ضعف، وقال الزين العراقي‏:‏ فيه علي بن مسعدة ضعفه البخاري اهـ‏.‏ وقال جدي في أماليه‏:‏ حديث فيه ضعف اهـ‏.‏ لكن انتصر ابن القطان لتصحيح الحاكم، وقال ابن مسعدة‏:‏ صالح الحديث وغرابته إنما هي فيما انفرد به عن قتادة‏.‏

6293 - ‏(‏كل بني آدم ينتمون‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ الانتماء الارتفاع في النسب ‏(‏إلى عصبة، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم‏)‏ قال في أصل الروضة‏:‏ من خصائصه أن أولاد بناته ينتسبون إليه بخلاف غيره اهـ‏.‏ قال المصنف‏:‏ ولم يذكروا مثله في أولاد بنات بناته كأولاد بنت بنته زينب من عبد اللّه بن جعفر، وهم موجودون الآن، فهم من آله وذريته وأولاده إجماعاً لكن لا يشاركون أولاد الحسنين في الانتساب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ وقد فرقوا بين من يسمى ولد الرجل وبين من ينسب إليه فالخصوصية للطبقة العليا فقط، فأولاد فاطمة الأربعة ينسبون إليه، وأولاد زينب وأم كلثوم ابنتا فاطمة ينسبون إلى أبيهم لا إلى أمهم ولا إلى أبيها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم جرياً على قاعدة الشرع أن الولد يتبع أباه ما خرج عن ذلك إلا أولاد فاطمة وحدها للخصوصية التي نص عليها في هذا الخبر وهو مقصور على سلالة الحسنين رضي اللّه عنهما‏.‏

- ‏(‏طب عن فاطمة الزهراء‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو بشر ابن نعامة وهو ضعيف وأورده ابن الجوزي في الأحاديث الواهية، وقال‏:‏ لا يصح‏.‏ فقول المصنف هو حسن غير حسن‏.‏

6294 - ‏(‏كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فأنا عصبتهم وأنا أبوهم‏)‏ انظر لفظه كيف خص التعصيب بأولادها دون أختيها، ولهذا ذهب السلف والخلف إلى أن ابن الشريفة غير شريف إذا لم يكن أبوه شريفاً، وهل يطلق على الزينبية أنهم أشراف‏؟‏ خلاف هذا ما ذكره المؤلف، وقال الشهاب ابن حجر الهيثمي‏:‏ معنى الانتساب إليه الذي هو من خصوصياته أنه يطلق عليه أنه أب لهم وأنهم بنوه حتى يعتبر ذلك في الكفاءة، فلا يكافئ شريفة هاشمي غير شريف قال‏:‏ وقولهم إن بني هاشم والمطلب أكفاء محله فيما عدا هذه الصورة قال الذهبي‏:‏ والعلامة الخضراء لا أصل لها في الشرع بل حدث سنة ثلاثة وسبعين وسبع مئة بأمر السلطان شعبان‏.‏

- ‏(‏طب عن عمر‏)‏ بن الخطاب وذلك أنه خطب إلى علي ابنته أم كلثوم فاعتل بصغرها وقال‏:‏ أعددتها لابن أخي جعفر، فقال عمر‏:‏ واللّه ما الباه أردت ولكن سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي‏:‏ فيه بشر بن مهران وهو متروك‏.‏

6295 - ‏(‏كل بيعين‏)‏ بتشديد التحتية بعد الموحدة ‏(‏لا بيع بينهما‏)‏ أي ليس بينهما بيع لازم ‏(‏حتى يتفرقا‏)‏ من مجلس العقد ‏(‏إلا بيع الخيار‏)‏ بينهما فيلزم البيع حينئذ بالتفرق فيلزم باشتراطه‏.‏

- ‏(‏حم ق ن عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

6296 - ‏(‏كل جسد‏)‏ وفي رواية كل لحم ‏(‏نبت من سحت فالنار أولى به‏)‏ هذا وعيد شديد يفيد أن أكل أموال الناس ‏[‏ص 18‏]‏ بالباطل من الكبائر قال الذهبي‏:‏ يدخل فيه المكاس وقاطع الطريق والسارق والخائن والزاني ومن استعار شيئاً فجحده ومن طفف في وزن أو كيل ومن التقط مالاً فلم يعرفه وأكله ولم يتملكه ومن باع شيئاً فيه عيب فغطاه والمقامر ومخبر المشتري بالزائد هكذا عد هذه المذكورات من الكبائر مستدلاً عليها بهذا الحديث ونحوه ولا يخلو بعضها من نزاع‏.‏

تنبيه‏:‏ هذا الحديث مما تمسك به المعتزلة على ذهابهم إلى أنه لا شفاعة لصاحب الكبيرة وقالوا‏:‏ هو نص صريح‏.‏

- ‏(‏هب حل‏)‏ من حديث زيد بن أرقم ‏(‏عن أبي بكر‏)‏ الصديق قال زيد‏:‏ كان لأبي بكر مملوك يغل عليه فاتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة ثم قال‏:‏ من أين جئت به قال‏:‏ مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فأعطوني قال‏:‏ أف لك كدت أن تهلكني فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ وجعلت لا تخرج فقيل له لا تخرج إلا بالماء فجعل يشرب الماء ويتقيأ حتى رمى بها فقيل له كل هذا من أجل لقمة قال‏:‏ لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره وفيه عبد الواحد بن واصل أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ضعفه الأزدي وعبد الواحد بن زيد قال البخاري والنسائي‏:‏ متروك قال أبو نعيم‏:‏ وفي الباب عن عائشة وجابر‏.‏

6297 - ‏(‏كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة‏)‏ إنما صرفه إلى الطاعة لأنها أكشف الأشياء وأشهرها عند الناس فالعامة إنما تعرف الطاعة والمعصية فكل ما أمر اللّه به فهو طاعة وما نهى عنه فهو معصية والطاعة عند الخواص بذل النفس فيما أمر ونهى والمعصية إباؤها وامتناعها والقنوت الركوع فكل شيء استقر ولم يتحرك فهو راكد فالقنوت مقابلة الشيء بالشيء راكد عليه والقنوت مقابلة القلب عظمة من وقف بين يديه فإذا قابله بقلبه فقد بذل له نفسه فقد أطاعه‏.‏

- ‏(‏حم ع عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الهيثمي‏:‏ في إسناد أحمد وأبي يعلى ابن لهيعة وهو ضعيف وقد يحسن حديثه وأقول فيه أيضاً دراج عن أبي الهيثم وقد سبق أن أبا حاتم وغيره ضعفوه وأن أحمد قال‏:‏ أحاديثه مناكير‏.‏

6298 - ‏(‏كل خطبة ليس فيها تشهد‏)‏ وفي رواية شهادة موضع تشهد ‏(‏فهي كاليد الجذماء‏)‏ أي المقطوعة والجذم سرعة القطع يعني أن كل خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء علي فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة بها لصاحبها قال ابن العربي‏:‏ ذكر اللّه مفتح كل كلام ولولا الحاجة إلى الدنيا لكان الكلام كله مصروفاً إليه فإذا لم يكن بد من الذكر فليكن بعد الذكر له وأراد بالتشهد هنا الشهادتين من إطلاق الجزء على الكل كما في التحيات قال القاضي‏:‏ أصل التشهد الإتيان بكلمة الشهادة وسمى التشهد تشهداً لتضمنه إياهما ثم اتسع فيه فاستعمل في الثناء على اللّه تعالى والحمد له‏.‏

- ‏(‏د‏)‏ في الأدب من حديث مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب عن أبيه ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وعبد الواحد أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ثقة‏.‏ قال ابن معين‏:‏ ليس بشي‏.‏ وقال الطيالسي‏:‏ عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها وعاصم أورده في الضعفاء أيضاً وقال‏:‏ قال ابن المديني‏:‏ لا يحتج بما انفرد به أي وقد انفرد به كما قاله البيهقي قال‏:‏ وإنما تكلم ابن معين في أبي هاشم الرفاعي لهذا الحديث‏.‏

6299 - ‏(‏كل خطوة‏)‏ ضبطت بالضم والفتح ‏(‏يخطوها أحدكم إلى الصلاة‏)‏ أي إليها ‏(‏تكتب له حسنة ويمحى عنه بها سيئة‏)‏‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة‏)‏ رمز المصنف لصحته وليس على ما ينبغي ففيه إبراهيم بن خالد أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال‏:‏ وثقوه وقال أبو حاتم‏:‏ كان يتكلم بالرأي ليس محله محل المستمعين‏.‏

‏[‏ص 19‏]‏ 6300 - ‏(‏كل خلة يطبع عليها المؤمن‏)‏ أي يمكن أن يطبع عليها ‏(‏إلا الخيانة والكذب‏)‏ فلا يطبع عليهما وإنما يحصل له ذلك بالتطبع ولهذا صح سلب الإيمان عنه في قوله ‏"‏لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‏"‏ ولا معارضة بين استثناء الخصلتين هنا وخبر من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق من إذا أؤتمن خان وإذا وعد أخلف وإذا حدث كذب لأن خلف الوعد داخل في الكذب والفجور من لوازم الخيانة‏.‏

- ‏(‏ع عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص رمز المصنف لحسنه وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال‏:‏ فيه علي بن هاشم مجروح وقال الدارقطني‏:‏ وقفه على سعد أشبه بالصواب وقال الذهبي في الكبائر‏:‏ روي بإسنادين ضعيفين اهـ‏.‏

6301 - ‏(‏كل خلق اللّه تعالى حسن‏)‏ أي أخلاقه المخزونة عنده التي هي مئة وسبعة عشر كلها حسنة فمن أراد به خيراً منحه شيئاً منها‏.‏

- ‏(‏حم طب عن الشريد بن سويد‏)‏ رمز المصنف لحسنه‏.‏

6302 - ‏(‏كل دابة من دواب البحر والبر ليس لها دم منعقد‏)‏ كذا هو بخط المصنف وفي نسخ يتفصد وهو رواية ‏(‏فليست لها ذكاة‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ يقال تفصد الدم إذا سال اهـ‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك وجزم الحافظ ابن حجر بضعف سنده‏.‏

6303 - ‏(‏كل دعاء محجوب‏)‏ عن القبول ‏(‏حتى يصلي‏)‏ بالبناء للمفعول أي حتى يصلي الداعي ‏(‏على النبي صلى اللّه عليه وسلم‏)‏ يعني أنه لا يرفع إلى اللّه حتى يستصحب الرافع معه الصلاة عليه إذ هي الوسيلة إلى الإجابة لكونها مقبولة واللّه من كرمه لا يقبل بعض الدعاء ويرد بعضاً فالصلاة عليه شرط في الدعاء وهو عبادة والعبادة بدون شرطها لا تصح‏.‏

- ‏(‏فر عن أنس‏)‏ ابن مالك ‏(‏هب عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ‏(‏موقوفاً‏)‏ عليه قال بعضهم‏:‏ وقفه ظاهر وأما رواية أنس فيحتمل كونه ناقلاً لكلام النبي صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم ففيه تجريد جرد النبي صلى اللّه عليه وسلم من نفسه نبياً وخاطبه وهو هو، وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الوقف وأنه لم يرو عن عليٍّ إلا موقوفاً والأمر بخلافه أما الأول فلأن فيه محمد بن عبد العزيز الدينوري قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ منكر الحديث وأما الثاني فقد رواه الطبراني في الأوسط عن عليٍّ موقوفاً وزاد فيه الأول فقال‏:‏ كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات اهـ، وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رواية الديلمي الضعيفة ورواية البيهقي الموقوفة المعلولة وإهماله الطريق المسندة الجيدة الإسناد من سوء التصرف‏.‏

6304 - ‏(‏كل ذنب عسى اللّه أن يغفره إلا من مات‏)‏ حال كونه ‏(‏مشركاً‏)‏ باللّه يغني كافراً به وخص الشرك لأنه أغلب أنواع الكفر حالتئذ لا للإخراج ‏(‏أو قتل مؤمناً متعمداً‏)‏ بغير حق وهذا في الإشراك مقطوع به ‏{‏إن اللّه لا يغفر أن يشرك به‏}‏ وفي القتل منزل على ما إذا استحل وإلا فهو تهويل وتغليظ قال الذهبي في الكبائر‏:‏ وأعظم من ذلك أن تمسك مؤمناً لمن عجز عن قتله فيقتله أو تشهد بالزور على جمع مؤمنين فتضرب أعناقهم بشهادتك الملعونة‏.‏

- ‏(‏د عن أبي الدرداء ‏[‏ص 20‏]‏ حم ن‏)‏ في المحاربة ‏(‏ك‏)‏ في الحدود ‏(‏عن معاوية‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي قال المناوي وغيره‏:‏ رجاله ليس فيهم إلا من روى له الشيخان أو أحدهما إلا أبا عوف الأنصاري وهو ثقة وقال الهيثمي‏:‏ رواه البزار عن عبادة أيضاً ورجاله ثقات‏.‏

6305 - ‏(‏كل ذي مال أحق بماله‏)‏ من والده وولده ‏(‏يصنع به ما شاء‏)‏ من إعطاء وحرمان وزيادة ونقصان‏.‏

- ‏(‏هق عن ابن المنكدر‏)‏ بضم الميم وسكون النون عبد اللّه بن الهدير بضم الهاء وفتح المهملة ابن عبد العزى القرشي التيمي أحد أعلام التابعين ‏(‏مرسلاً‏)‏‏.‏

6306 - ‏(‏كل ذي ناب من السباع‏)‏ يصول به كأسد ونمر وذئب وكلب ‏(‏فأكله حرام‏)‏ وبهذا أخذ جمهور السلف والخلف وهو قول الشافعي وأبو حنيفة ومالك في إحدى قوليه والثاني وبه قال جمهور صحبه يكره بخلاف ما له ناب لا يصول به كضبع فأكله غير حرام فإن فرض عدوه به كما قيل فيخص بحديثه عموم الحديث‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الصيد ‏(‏ن‏)‏ كلاهما ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري، قال ابن عبد البر‏:‏ مجمع على صحته‏.‏

6307 - ‏(‏كل راع مسؤول عن رعيته‏)‏ أي كل حافظ لشيء يسأله اللّه عنه يوم القيامة هل أصلح ما تحت نظره وقام بحقوقه أم لا‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة عبيد اللّه الخزاعي ‏(‏عن أنس‏)‏ وقال‏:‏ تفرد به الزبير بن بكار ورواه عنه الطبراني ومن طريقه تلقاه الخطيب مصرحاً فلو عزاه إليه لكان أولى ثم إن فيه ربيعة بن عثمان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال‏:‏ صدوق‏.‏ وقال فيه أبو حاتم‏:‏ منكر الحديث ورواه أيضاً البيهقي في أشعب باللفظ المزبور‏.‏

6308 - ‏(‏كل سارحة ورائحة على قوم حرام على غيرهم‏)‏ قال في الفردوس‏:‏ السارحة التي تسرح بالغداة إلى مراعيها اهـ‏.‏ والمراد أن كل ماشية أسامها القوم حرم على غيرهم التعرض لها بمنعها من الرعي وغيره‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ عن أبي أمامة قال الهيثمي‏:‏ فيه سليمان بن سلمة الجبابري وهو ضعيف وقال غيره‏:‏ فيه الحسن بن علي العمري أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ حافظ رفع موقوفات قليلة وسليمان بن سلمة الجبابري تركه أبو حاتم وغيره وبقية ضعفوه‏.‏

6309 - ‏(‏كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي‏)‏ وفي رواية بدل ونسبي وصهري قال الديلمي‏:‏ السبب هنا الوصلة والمودة وكل ما يتوصل به إلى الشيء عنك فهو سبب وقيل السبب يكون بالتزويج والنسب بالولادة وهذا لا يعارضه حسنه في أخبار أخر لأهل بيته على خوف اللّه واتقائه وتحذيرهم الدنيا وغرورها وإعلامهم بأنه لا يغني عنهم من اللّه شيئاً لأن معناه أنه لا يملك لهم نفعاً لكن اللّه يملكه نفعهم بالشفاعة العامة والخاصة فهو لا يملك إلا ما ملكه ربه فقوله لا أغني عنكم أي بمجرد نفسي من عير ما يكرمني اللّه تعالى به أو كان قبل علمه بأنه يشفع ولما خفي طريق الجمع على بعضهم تأوله بأن معناه أن أمته تنسب له يوم القيامة بخلاف أمم الأنبياء‏.‏

- ‏(‏طب ك‏)‏ في فضائل عليّ ‏(‏هق عن عمر‏)‏ بن الخطاب قال عمر‏:‏ فتزوجت أم كلثوم لما سمعت ذلك وأحببت أن يكون بيني وبينه نسب وسبب خرج هذا السبب البزار ‏(‏طب عن ابن عباس وعن المسور‏)‏ بن مخرمة قال الحاكم‏:‏ صحيح وقال الذهبي‏:‏ بل منقطع وقال ‏[‏ص 21‏]‏ الهيثمي‏:‏ رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏

6310 - ‏(‏كل سلامى‏)‏ بضم السين وتخفيف اللام وفتح الميم مفرد سلاميات عظام الجسد أو أنامله أو مفاصله أي كل مفصل من المفاصل الثلاث مئة وستين التي في كل واحد عظم ‏(‏من الناس عليه‏)‏ ذكره مع أن سلامى مؤنثة باعتبار العضو هي المفصل لا لرجوعه لكل كما قيل ‏(‏صدقة‏)‏ إيجابها عليه مجاز وفي الحقيقة واجبة علي صاحبه ‏(‏كل يوم تطلع فيه الشمس‏)‏ في مقابلة ما أنعم اللّه عليه في تلك السلامى من باهر النعم ودوامها ولو شاء لسلبها القدرة وهو فيه عادل فإبقاؤها لا سيما مع التقصير في خدمته توجب دوام شكره بالتصدق وغيره ما دامت تلك النعم إذ لو فقد له عظم واحد أو يبس أو لم ينبسط فلم ينقبض لاختلت حياته وعظم بلاؤه والصدقة تدفع البلاء وليس المراد بالصدقة هنا المالية فحسب بل كنى بها عن نوافل الطاعات كما يفيده قوله ‏(‏تعدل‏)‏ هو في تأويل المصدر مبتدأ خبره صدفة ‏(‏بين الاثنين‏)‏ متحاكمين أو متخاصمين أو متهاجرين ‏(‏صدقة عليهما‏)‏ لوقايتهما مما يترتب عليه الخصام من قبيح الأقوال والأفعال ‏(‏وتعين‏)‏ فيه وما بعده ما ذكر أي وفي إعانتك ‏(‏الرجل‏)‏ يعني الإنسان ‏(‏على دابته فيحمل عليها‏)‏ المتاع أو الراكب بأن يعينه في الركوب أو يحمله كما هو ‏(‏وترفع‏)‏ بمثناة فوقية بضبط المصنف ‏(‏له عليها متاعه صدقة‏)‏ أي أجرها كأجر صدقة عليه حذفت المضافات وحرف التشبيه للمبالغة وكذا في أخواته وهذا تشبيه محسوس بمحسوس والجامع عقلي وهو ترتب الثواب على كل منهما ‏(‏والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة‏)‏ بفتح الخاء المرة الواحدة وبضمها ما بين القدمين وهو مبتدأ والباء زائدة ‏(‏يخطوها‏)‏ في رواية يمشوها ‏(‏إلى الصلاة صدقة‏)‏ أطلق على الكلمة صدقة كدعاء وذكر وسلام وثناء وغير ذلك مما يجمع القلوب ويؤلفها وعلى الخطوة إلى الصلاة صدقة مع عدم تعدي نفعها إلى الغير للمشاركة وتشبيها لهما بالمال في سعة الأجر وقيل هما صدقة على نفس الفاعل وفيه حض على حضور الجماعة ولزوم المساجد والسعي إليها ‏(‏ودل الطريق صدقة وتميط‏)‏ بضم أوله تنحى ‏(‏الأذى‏)‏ أي مما يؤذي المارة كقذر وحجر وشوك ‏(‏عن الطريق‏)‏ يذكر ويؤنث ‏(‏صدقة‏)‏ على المسلمين وأخرت هذه لكونها دون ما قبلها كما يشير إليه خبر شعب الإيمان وحمل الأذى على أذى الظالم والطريق على طريقه تعالى وهو شرعه بعيد وشرط الثواب على هذه الأعمال خلوص النية‏.‏

- ‏(‏حم ق عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

6311 - ‏(‏كل سنن قوم لوط‏)‏ أي طرائقهم ‏(‏فقدت إلا ثلاثاً‏)‏ من سننها فإنها باقية إلى الآن معمول بها ‏(‏جر نعال السيوف‏)‏ على الأرض ‏(‏وخضب الأظفار وكشف عن العورة‏)‏‏.‏

- ‏(‏الشاشي وابن عساكر عن الزبير‏)‏ بن العوام وقضية كلام المصنف أنه لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز والأمر بخلافه فإن أبا نعيم والديلمي خرجاه باللفظ المزبور عن الزبير المذكور‏.‏

6312 - ‏(‏كل شراب أسكر‏)‏ أي الذي فيه قوة الإسكار ومن شأنه أن يسكر وفي رواية لمسلم كل شراب مسكر ‏(‏فهو حرام‏)‏ ‏[‏ص 22‏]‏ فيه عموم يشمل جميع الأشربة نيئاً أو مطبوخاً عنباً أو غيره فلا وجه لتخصيص أحد الأشربة كيف والأخبار متعاضدة على ذلك‏.‏

- ‏(‏حم ق 4 عن عائشة‏)‏ قالت‏:‏ سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن البتع بكسر الموحدة وسكون الفوقية وهو نبيذ العسل فذكره وفي رواية لمسلم عن أبي موسى كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام وفي رواية عنه أيضاً أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة‏.‏

6313 - ‏(‏كل شرط‏)‏ أي اشتراط ‏(‏ليس في كتاب اللّه‏)‏ أي في حكمه أو ليس فيه جوازه أو وجوبه بواسطته كالنص القرآني وقال القرطبي‏:‏ قوله ليس في كتاب اللّه أي ليس مشروعاً فيه تأصيلاً ولا تفصيلاً فإن من الأحكام ما لا يوجد تفصيله في الكتاب كالوضوء ومنها ما يوجد تأصيله دون تفصيله كالصلاة ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع والقياس ‏(‏فهو باطل وإن كان مئة شرط‏)‏ يعني وإن شرط مئة مرة لا يؤثر فذكره للمبالغة لا لقصد عين هذا العدد قال الطيبي‏:‏ وهذا من الشرط الذي يتبع به الكلام السابق بلا جزاء للمبالغة وقال القرطبي‏:‏ هذا خرج مخرج الكثير يعني أن الشروط الغير مشروعة باطلة وإن كثرت ويستفاد منه أن الشروط الشرعية صحيحة‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏طب‏)‏ كلاهما ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ رمز لصحته‏.‏

6314 - ‏(‏كل شيء بقدر‏)‏ أي جميع الأمور إنما هي بتقدير اللّه في الأزل فالذي قدر لا بد أن يقع والمراد كل المخلوقات أي بتقدير محكم وهو تعلق الإرادة الأزلية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب ‏(‏حتى العجز‏)‏ التقصير فيما يجب فعله أو من الطاعة أو أعم ‏(‏والكيس‏)‏ بفتح الكاف أي النشاط والحذق والظرافة أو كمال العقل أو شدة معرفة الأمور أو تمييز ما فيه الضر من النفع قال الطيبي‏:‏ قوبل الكيس بالعجز على المعنى لأن المقابل الحقيقي للكيس البلادة ولعجز القوة وفائدة هذا الأسلوب تقييد كل من اللفظين بما يضاد الآخر يعني حتى الكيس والقوة والبلادة والعجز من قدر اللّه فهو رد على من يثبت القدرة لغيره تعالى مطلقاً ويقول إن أفعال العباد مستندة إلى قدرة العبد واختياره ولأن مصدر الفعل الداعية ومنشؤه القلب الموصوف بالكياسة والبلادة ثم القوة والضعف ومكانهما الأعضاء والجوارح إذا كانوا بقدر اللّه وقضائه فأي شيء يخرج عنهما وقال التوربشتي‏:‏ الكيس جودة القريحة وأتى به في مقابل العجز لأنه الخصلة المفضية بصاحبها إلى الجلادة وإتيان الأمور من أبوابها وذلك يقتضي العجز ولذلك كنوا به عن الغلبة فقالوا كايسته فكيسته أي غلبته قال‏:‏ والعجز هنا عدم القدرة وقيل ترك ما يجب فعله والعجز والكيس روي بالجر بحتى أو بعطفه على شيء وبالرفع على كل أو بأنه مبتدأ حذف خبره أي كائنان بقدر اللّه ورجح الطيبي أن حتى حرف جر بمعنى إلى نحو ‏{‏حتى مطلع الفجر‏}‏ قال‏:‏ ومعنى الحديث يقتضي الغاية لأنه أراد به أن أكساب العباد وأفعالهم كلها بتقدير خالقهم حتى الكيس الموصل صاحبه إلى البغية والعجز الذي يتأخر به عن دركها وقال ابن حجر‏:‏ معناه أن كل شيء لا يقع في الوجود إلا وقد سبق به علم اللّه ومشيئته وإنما جعلهما في الحديث غاية لذلك إشارة إلى أن أفعالنا وإن كانت معلومة لنا مرادة منا فلا تقع بعد ذلك إلا بمشيئة اللّه ‏{‏إنا كل شيء خلقناه بقدر‏}‏ وقال القونوي‏:‏ لم يختلف أحد من علماء الإسلام في أن حكم القضاء والقدر شامل كل شيء منسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الأفعال والصفات والأحوال وغير ذلك، فإن قلت‏:‏ كيف هذا مع حديث الصحيح عن أم حبيبة أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم سمعها وهي تقول اللّهم متعني بزوجي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبأخي معاوية وبأبي فقال لها‏:‏ سألت اللّه بأرزاق مقسومة وآجال مضروبة لا يعجل منها شيء قبل محله ولا يؤخر بعد محله فلو سألت اللّه أن يجيرك من عذاب القبر وعذاب النار انتهى فما الفرق بين ما نهى عن الدعاء فيه وبين ما حث عليه من طلب الإجارة من النار والقبر‏؟‏ فالجواب‏:‏ ‏[‏ص 23‏]‏ أن المقدرات ضربان ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية فالكلية المختصة بالإنسان أخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأنها محصورة في أربعة أمور العمر والرزق والأجل والشقاء والسعادة وأما اللوازم الجزئية التفصيلية فإنها لم تكد تنحصر ولم يمكن تعيين ذكرها وأيضاً فظهور بعضها وحصوله للإنسان يتوقف على أسباب وشروط ربما كان بالدعاء والكسب والسعي والتعمل من جملتها بمعنى أنه لم يقدر حصوله بدون ذلك الشرط أو الشروط بخلاف تلك الأربعة فإنه ليس للإنسان في ذلك قصد ولا تعمل ولا سعي بل ذلك نتيجة قضاء اللّه وقدره بموجب علمه السابق الثابت المحكم أزلاً وأبداً فهذا فرق بين ما نهى عن الدعاء فيه وبين ما حرض عليه فتدبر‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الإيمان بالقدر ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏